ثانيـــا:لشيــك وطرحـه للتـــداول .
وقبـل تنـاول إنشـاء الشيـك وطرحـه للتـداول ، يجـب أن نميـز بيـن إصـدار الشيـك وإنشـاءه ، فإنشـاء الشيـك يكمـن فـي كتابتـه و هـو سابـق علـى الإصدار الـذي هـو مـن قبيـل الأعمـال التحضيريـة التـي لا يعاقـب عليهـا القانـون تحريـر الشيـك دون طرحـه للتـداول طالمـا لـم يسلـم إلـى المستفيـد ، ومـن ثمـة فـإن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـي جنحـة مركبـة مـن عنصريـن : إنشـاء الشيـك بكتابتـه وتحريـره ، ثـم طرحـه فـي التـداول بتسليمـه إلـى المستفيـد.
إذا فـإن الركـن المـادي للجريمـة لا يقـوم علـى مجـرد تحريـر الشيـك وإنمـا يتعـدى ذلـك إلـى إعطائـه للمستفيـد ، أمـا تقديـم الشيـك إلـى المسحـوب عليـه ) البنـك مثـلا ( فـلا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة فهـو إجـراء مـادي متجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـك و إفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد ليسـت إلا إجـراء كاشـف للجريمـة.
ثالثــا : شـروط التخلـي لقيـام النشـاط الإجـــرامي.
إن التخلـي الواجـب لقيـام النشـاط الإجرامـي ينبغـي أن يكـون نهائيـا : فـإذا كـان فعـل الإعطـاء يستلـزم خـروج الشيـك مـن حيـازة الساحـب إلا أن هـذا الخـروج متوقـف علـى أن يكـون نهائيـا ، ويتـم ذلـك بانتقـال الشيـك مـن حـوزة الساحـب إلـى المستفيـد نهائيـا ولمـا كـان مـن الجائـز للساحـب استـرداد الشيـك مـن المـودع لديـه إذا قدمـه علـى وجـه الوديعـة ، فـإن التخلـي هنـا لا يكـون نهائيـا .
كمـا يقتضـي الأمـر أن يكـون التخلـي إراديـا ؛ ففعـل الإعطـاء لا يقتصـر علـى كـون التخلـي نهائيـا وإنمـا يتعـداه بانصـراف إرادة الساحـب إلـى التخلـي عـن حيـازة الشيـك ، فبانتفـاء هـذه الإرادة ينتفـي الركـن المـادي للجريمـة ، ومـن ذلـك فـإذا فقـد الشيـك أو سـرق وبـادر الساحـب بإصـدار أمـر بعـدم الدفـع فإنـه يكـون بامكـان الساحـب إثبـات أن لا دخل لإرادتـه فـي التخلـي عـن حيـازة الشيـك وبذلـك يكـون الركـن المـادي للجريمـة غيـر قائـم .
ومـن اجتهـاد القضـاء الجزائـري فـي ذلـك ما جـاءت به المحكمـة العليـا فـي قرارهـا الصـادر فـي 24 جويليـة 1994 : * إذا كـان مـن الجائـز المعارضـة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السرقـة فـإن هـذا موقـوف على تقديـم الدليـل القاطـع ، ذلـك أن الادعـاء المدنـي وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضـائي نهائـي يؤكـد الادعـاء .*
الفــرع الثانــي : عــدم إمكــان السحــب
ينبغـي لاكتمـال قيـام الركـن المـادي للجريمـة ألا يتمكـن المستفيـد مـن سحـب الرصيـد أو أن يكـون هـذا الأخيـر غيـر كـاف و قبـل أن نتنـاول هـذا العنصـر بالشــرح و التفصيـل ينبغـي أولا إعطـاء مفهـوم للرصيـد، ،وتحديـد شروطـه فيمـا يلـي أولا: تعريـف مقابـل الوفـاء فـي الشيـك )الرصيـد ( .
إن الرصيـد هـو عبـارة عـن ديـن نقـدي للساحـب فـي ذمـة المسحـوب عليـه مسـاو علـى الأقـل لقيمـة الشيـك ويجـب أن تتوافـر فـي المقابـل النقـدي )الرصيـد( جملـة مـن الشـروط كـأن يكـون مبلغـا مـن النقـود ذلـك أن الشيـك يتضمـن أمـرا بدفـع مبلـغ مـن النقـود صـادر مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه ممـا يقتضـي بالضـرورة أن يكـون الرصيـد مبلغـا مـن النقـود وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـان مقابـل الوفـاء مـالا آخـر غيـر النقـود كـان الشيـك بغيـر رصيـد واستحـق لذلـك العقـاب ، علـى أن يكـون الرصيـد معيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع ، ولا يهـم مصـدر الديـن النقـدي الـذي فـي ذمـة المسحـوب عليـه طالمـا ثبـت وجـوده .
وتثـار إشكاليـة تسليـم الساحـب للأوراق التجاريـة للمسحـوب عليـه قصـد تحصيـل قيمتهـا ، فهـل تصلـح هـذه الأوراق مقابـلا للوفـاء؟
إذا كـان صحيحـا أن الأوراق التجاريـة تمثـل قـدرا مـن المـال إلا أنهـا لا تصلـح رصيـدا قبـل تحصيـل قيمتهـا و يكـون بذلـك الشيـك بغيـر رصيـد ، أمـا إذا تـم تحصيـل قيمـة هـذه الأوراق فـإن نقديـة مقابـل الوفـاء تكـون قـد تحققـت وفـي هـذا الصـدد قضـي فـي فرنسـا بأن تسلـم البنـك سفاتـج لخصمهـا ووضعهـا فـي الرصيـد الدائـن للعميـل ليـس احتمـال للدائنيـة لا يعـد إيجـادا للرصيـد القابـل للسحـب المستحـق الأداء .
كمـا يستوجـب الأمـر أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك بمـا أن هـذا الأخيـر هـو أداة وفـاء مستحـق الأداء لـدى الإطـلاع ، أي بمجـرد إنشـاءه فـإن ذلـك يعنـي أن يكـون رصيـد الشيـك قائمـا منـذ إصـداره .
كمـا يجـب أن يكـون مقابـل الوفـاء موجـودا عنـد سحب الشيـك ، فـلا يكفـي فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار شيـك ولكـن يتعيـن أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك بالصـرف .ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، وفـي هـذا السيـاق نجـد الاجتهـاد المصـري يؤكـد علـى : * وجـوب توافـر الرصيـد القائـم والقابـل للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ولأن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك إلـى المصـرف ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، تخلـف ذلـك الرصيـد فـي أي وقـت خـلال تلـك الفتـرة ، أثـره ، توافـر جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي حـق مصـدره........تقديـم الشيـك للصـرف إجـراء مـادي يتجـه إلـى استيفـاء مقابلـه ولا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة *
كمـا أن مـن بيـن الشـروط الواجـب توافرهـا فـي الرصيـد هـوان يكـون قابـلا للتصـرف بموجـب الشيـك، فكمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـإن كـون الشيـك مستحـق الوفـاء لـدى الإطـلاع يستوجـب أن يكـون مقابـل الوفـاء بـه دينـا نقديـا في ذمـة المسحـوب عليـه، محقـق الوجـود ، معيـن المقـدار ، مستحـق الأداء وأن يكـون قابـلا للسحـب بموجـب شيـك .
فيشتـرط أن يكـون الرصيـد دينـا محقـق الوجـود ونميـز فـي هـذا الصـدد بيـن حالتيـن ، فـإذا كـان مقابـل الوفـاء بشيـك محتمـلا أو معلقـا علـى شـرط واقـف ولـم يتحقـق هـذا الشـرط حتـى وقـت الإصـدار فـإن الرصيـد يعتبـر غيـر قائـم ،أمـا إذا كـان الديـن معلقـا علـى شـرط فاسـخ فإنـه يصلـح أن يكـون مقابـلا للوفـاء بالشيـك طالمـا أن الشـرط لم يتحقـق حتـى إصـدار الشيـك ، فـي حيـن أنـه إذا تحقـق الشـرط الفاسـخ قبـل التقديـم الشيـك للوفـاء فـإن أثـره ينسحـب إلـى الماضـي ويعتبـر الرصيـد كـأن لـم يوجـد أصـلا منـذ إصـدار الشيـك وتقـوم بذلـك جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
ويقصـد بـأن يكـون الرصيـد ديـن مستحـق الأداء وقـت إصـدار الشيـك أن يتـم الوفـاء بقيمتـه بمجـرد الإطـلاع عليـه، فـإذا كـان الديـن مرتبطـا بأجـل لـم يحـل وقـت إصـدار الشيـك يكـون الرصيـد غيـر قائـم ، علـى أن يكـون ديـن مقابـل الوفـاء معيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع وقـت إصـدار الشيـك بحيـث يتـم الوفـاء بقيمتـه بمجـرد الإطـلاع عليـه وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـان ديـن مقابل الوفـاء موضـوع نـزاع لم يفصـل فيـه فـإن الشيـك يعـد فـي هـذه الحالـة بـلا رصيـد كـأن يكـون مثـلا ديـن مقابـل الوفـاء حسـاب جـاري موضـوع تصفيـة فيصبـح الديـن محتمـلا وغيـر محـدد المقـدار إلـى غايـة تصفيـة الحسـاب.
كمـا يجـب أن يكـون الرصيـد قابـلا للتصـرف فيـه بموجـب شيـك وهـو مـا تؤكـده المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات والتـي تعاقـب علـى إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للسحـب .
أمـا أن يكـون مقابـل الوفـاء مساويـا علـى الأقـل بقيمـة الشيـك يعنـي إمكانيـة استيفـاء كـل المبلـغ ، فـإذا كـان أقـل مـن قيمـة الشيـك فـلا يعـد مقابـل الوفـاء قائمـا وبالتالـي تقـوم جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
وعمومـا ، فإنـه يجـب توافـر الرصيـد القائـم والقابـل للسحـب وقـت إصـدار الشيـك و أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك للصـرف ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، لأن تقديـم الشيـك للصـرف لا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة بـل هـو إجـراء مـادي يتجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـك ومـا إفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد إلا إجـراء كـاشف للجريمـة التـي تحققـت بإصـدار الشيـك.
ثـانيا : عـدم إمكـان السحـب)عـدم وجـود رصيـد كـاف (
بالرجـوع إلـى نـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات ، نجـد أن عـدم وجـود رصيـد كـاف يمكـن أن يكـون علـى أربـع أشكـال ، ثـلاثة منهـا منصـوص عليهـا فـي الفقـرة الأولـى مـن المـادة المذكـورة ، أمـا الشكـل الرابـع فنستخلصـه مـن خـلال الفقـرة الثـانية وهـو مـا نعـالجه فـي الأوضـاع الآتيـة:
1- عـدم وجـود رصيـد كـاف وقابـل للسحـب:
تتخـذ هـذه الصـورة بـدورها ثـلاث حـالات ، فقـد يكـون الرصيـد غيـر موجـود إطلاقـا أو موجـود لكـن غيـر كـاف أو أن يكـون موجـودا وكـافيا إلا انـه غيـر قابـل للسحـب .
-الحـالة الأولـى: عـدم وجـود الرصيـد إطـلاقا .
يقـوم الركـن المـادي للجريمـة إذا لـم يكـن للساحـب رصيـد مـودع لـدى المسحـوب عليـه ولـو كـان المستفيـد يعلـم وقـت إعطـائه الشيـك بأنـه لا يقابـله رصيـد ، ولعـل العبـرة مـن ذلـك ليـس مجـرد حمـاية المستفيـد فحسـب وإنمـا يعـدو ذلـك بحمـاية الثقـة فـي الشيـك باعتبـاره أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعـاملات، بـل أن المستفيـد ذاتـه يعـاقب بقبـوله الشيـك بـدون رصيـد مـع علمـه بذلـك .
والعبـرة فـي وجـود الرصيـد مـن عدمـه تكـون بتـاريخ إصـدار الشيـك ) بإنشـائه وطـرحه للتـداول ( ويفتـرض أن يكـون هـذا التـاريخ مطـابقا للتـاريخ المـدون علـى الشيـك يعنـي تـاريخ الاستحقـاق ولا يهـم إن ملـئ الرصيـد بعـد الإصـدار أو تصـدير قيمـة الشيـك لاحقـا علـى إصـداره سـواء قبـل المتـابعة أو بعـدها ، وقـد استقـرت المحكمـة العليـا فـي العـديد مـن قـراراتها علـى أن : * ......تسـديد قيمـة الشيـك للمستفيـد لاحقـا علـى إصـداره وهـو بـدون رصيـد لا يـؤثر فـي قيـام الجنحـة التـي تبقـى قـائمة بمجـرد أن يسلـم الجـاني الشيـك إلـى المستفيـد مـع علمـه بأنـه بـدون رصيـد بصـرف النظـر عـن تسـوية وضعيتـه بعـد ذلـك * .
وكذلـك : *إن تسـديد قيمـة الشيـك قبـل المتـابعة أو بعـدها لا يـؤثر في شـيء فـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد التـي تلتئـم عناصـرها بتسليـم شيـك للمستفيـد لا يقابـلها رصيـد أو يقابـله رصيـد غيـر كـاف *
وبمفهـوم آخـر ، يجـب أن يكـون الرصيـد قائمـا قبـل وضـع الشيـك للتـداول ، أي قبـل الإصـدار أو علـى الأقـل أن يكـون موجـودا عنـد تقـديم الشيـك للدفـع وفـي نفـس السيـاق ، نجـد أن المحكمـة العليـا فـي قرارهـا الصـادر بتـاريخ 08 أكتـوبر 1985 اعتبـرت أنـه : *مـادام الرصيـد غيـر كـاف عنـد تقـديم الشيـك للدفـع تقـوم الجريمـة بصـرف النظـر عمـا إذا كـان الرصيـد كافيـا عنـد تحريـر الشيـك لأن انعـدام الرصيـد عنـد تقـديم شيـك للدفـع يعـد جريمـة وكـذا سحـب الرصيـد قبـل تسـديد مبلـغ الشيـك * .
وفـي قـرار آخـر لهـا صـادر فـي 23 مـارس 1998 جـاء فيـه : * تتحقـق جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بمجـرد أن يصـدر المتهـم شيكـا دون التـأكد مـن أن رصيـده قائـم وموجـود عنـد إصـداره والحـرص علـى أن يبـق كذلـك إلـى غـاية سحـب المستفيـد مبلـغ الشيـك * .
- الحـالة الثـانية :أن يكـون الرصيـد موجـودا لكنـه غيـر كـاف.
قـد يكـون للساحـب رصيـد لـدى المسحـوب عليـه لكنـه غيـر كـاف لدفـع قيمـة الشيـك فتقـوم فـي هـذه الحـالة الجريمـة ولـو حصـل المستفيـد علـى الرصيـد الغيـر كـاف الموجـود ولا يهـم قيمـة النقـص فـي الرصيـد عـن قيمـة الشيـك مـن حيـث تفاهتهـا أو جسامتهـا لقيـام الجريمـة ، فالعبـرة بعـدم كفايـة مقابـل الوفـاء لتسـديد مبلـغ الشيـك.
- الحـالة الثـالثة : أن يكـون الرصيـد موجـودا وكـاف ولكنـه غيـر قابـل للسحـب .
وتتحقـق هـذه الحـالة بتـوافر الرصيـد الكـافي لـدى المسحـوب عليـه مـع عـدم إمكـانية السحـب بسبـب الحجـز القضـائي مثـلا ، أوفـي حـالة مـا إذا كـان السـاحب تـاجرا أشهـر إفـلاسه .
والعبـرة لوقـوع الجريمـة أن يكـون الرصيـد غيـر قابـل للسحـب وقـت إعطـاء الشيـك أمـا إذا حـدث وأن تحققـت عـدم قابليـة للسحـب بعـد إعطـاء الشيـك
فـإن الجريمـة تنتفـي فـي هـذه الحـالة كـأن يصـدر الساحـب الشيـك ثـم يحجـز علـى مـاله لـدى المسحـوب علـيه أو يشهـر إفـلاسه وبالتـالي فـإنه يشتـرط فـي هـذه الحـالة أن يكـون السـاحب علـى علـم بعـدم قابليـة السحـب و إلا انتفـت مسؤوليتـه .
2-سحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك :
لا يكفـي أن يكـون الرصيـد كافيـا وقابـلا للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ، وإنمـا يجـب أن يظـل الرصيـد تحـت تصـرف المستفيـد إلـى حيـن الحصـول علـى مقابـل الشيـك وبالتالـي فـإن الركـن المـادي لجنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد يكـون قائمـا متـى قـام السـاحب بأخـذ جـزء أو كـل الرصيـد بحيـث يصـبح البـاقي غيـر كـاف للوفـاء بقيمـة الشيـك . وبمعنـى آخـر يجـب أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك وأن يبقـى كذلـك إلـى حيـن الوفـاء بقيمتـه فتقـوم الجريمـة حتـى وإن تـأخر المستفيـد فـي صـرفه الشيـك علـى المواعيـد التـي قـررتها المـادة 501 مـن القانـون التجـاري وهـو مـا خلـص إليـه القضـاء الجـزائري ، بحيـث اعتبـرت المحكمـة العليـا أن تقـديم الشيـك بعـد تـاريخ الاستحقـاق أي بعـد المـدة التـي يقـدم فيهـا للوفـاء المحـددة فـي المـادة 501 مـن القـانون التجـاري ب 20 يـوم يعتبـر كافيـا لقيـام الجريمـة .
وعلـة ذلـك مـن خـلال قـرارات المحكمـة العليـا تكمـن فتي أنـه بإصـدار الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد إلـى ذمـة المستفيـد ، وكذلـك بالرجـوع إلـى نـص المـادة 503 مـن القـانون التجـاري فـي فقـرتها الأولـى نجـد أنـه فـي حالـة توافـر الرصيـد يجـب علـى المسحـوب عليـه استيفـاء قيمـة الشيـك حتـى بعـد انقضـاء الأجـل المحـدد لتقـديمه .
* إن تقـديم الشيـك خـارج ميعـاد الدفـع المحـدد فـي نـص المـادة 501 مـن القـانون التجـاري لا ينفـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه مـا
أن يصـدر الساحـب الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد لذمـة المستفـيد والساحـب لا يتمتـع بـأي حـق علـى الرصيـد المقابـل للمبـلغ المسحـوب بـواسطة الشيـك * .
وفـي قـرار آخـر صـادر فـي 24 .01. 2000 اعتبـرت المحكمـة العليـا :* أن تقـديم الشيـك للمخـالصة خـارج أجـل 20 يـوم مـن تـاريخ تحريـره لا يـؤثر فـي قيـام الجريمـة فـإذا كـانت المـادة 501 الفقـرة الأولـى مـن القانـون التجـاري قـد حـددت أجـل تقـديم الشيـك للمخـالصة ب 20 يـوما مـن تـاريخ الإصـدار ، فـإن المـادة 503 الفقـرة الأولـى مـن القانـون نفسـه تنـص علـى انـه فـي حالـة توافـر الرصيـد يجـب علـى المسحـوب عليـه أن يستـوفي قيمـة الشيـك حتـى بعـد انقضـاء الأجـل المحـدد لتقـديمه *
ومـن قـراراتها أيضـا : * يجـوز تقـديم الشيـك للمخـالصة قبـل اليـوم المعيـن فيـه كتـاريخ لإصـداره*
3- إصدار أمر للمسحوب عليه لعدم الدفع :
ويقـوم الركـن المـادي فـي هـذه الحـالة بأمـر الساحـب المسحـوب عليـه – وذلـك بعـد إصـدار الشيـك – بعـدم دفـع قيمتـه ، فتقـع الجريمـة بمجـرد صـدور الأمـر بعـدم الدفـع ، إلا أن المشـرع الجـزائري أبـاح المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة ضـياعه أو تفليـس حامـله وهـو مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـا مـن خـلال قـرارها الصـادر فـي 10. 12. 1981 بحيـث اعتبـرت أنـه : * لا يمكـن للسـاحب المعـارضة فـي دفـع الشيـك إلا فـي الحـالات المنصـوص عليهـا فـي المـادة 503 مـن القـانون التجـاري وهـي حـالات فقـدان الشيـك أو إفـلاس حاملـه *
كمـا أن القانـون المصـري يبيـح المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة سرقتـه وقـد أخـذ القضـاء الجـزائري بهـذه الحـالة إلا أنـه متشـدد فـي قبـولها ،
بحيـث يكـون ذلـك متوقفـا علـى تقديـم الدليـل القـاطع علـى قيـام السـرقة ، وفـي هـذا الصـدد قضـت المحكمـة العليـا فـي قـرارها الصـادر فـي 24. 07 .1994 بأنه : * إذا كـان مـن الجـائز المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السـرقة فـإن هـذا متـوقف علـى تقديـم الدليـل القـاطع ذلـك أن الادعـاء المـدني وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضـائي نهـائي يـؤكد الادعـاء *
وفـي قـرار آخـر قضـت انـه : * إذا كـانت سـرقة الشيـك مـن صـاحبه مـن الأسبـاب التـي تعفيـه مـن المسـؤولية الجـزائية فـي حالـة إصـداره دون رصيـد فـإن الأخـذ بهـذا الدفـع يقتضـي بالضـرورة إثبـات واقعـة السـرقة بوثيقـة صـادرة عـن الجهـات المختصـة وهـذا غـير وارد فـي القـرار المطعـون فيـه * .
4- قبول أو تظهير شيك صادر في الظروف المذكورة سابقا مع العلم بذلك:
وهـي الحـالة التـي أشـارت إليهـا المـادة 374 فـي فقـرتها الثـانية ، ففضـلا عـن معاقبـة السـاحب الـذي يصـدر شيكـا دون رصيـد أو كـان رصيـده أقـل مـن قيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحـوب عليـه مـن صـرفه ، فـإن القانـون يجـرم كذلـك قبـول المستفيـد لشـيك دون رصيـد أو تظهيـره لـه مـع علمـه بذلـك ، وبمعنـى آخـر فـإذا كـان المستفيـد يعلـم أن السـاحب أصـدر لـه شيـكا دون رصيـد أو أن مقابـل الوفـاء أقـل مـن قيمـة الشيـك أو أن السـاحب قـام بسحـب جـزء مـن الرصيـد أو كلـه بعـد إصـدار الشيـك أو أصـدر أمـرا للمسحـوب عليـه بعـدم الصـرف ، ورغـم ذلـك قـام بقـبول أو تظهيـر هـذا الشيـك ، فإنـه لا يفـلت مـن العقـاب شأنـه فـي ذلـك شـأن السـاحب الـذي أصـدر شيـكا بـدون رصيـد ، وإن كـان الهـدف مـن عقـاب هـذا الأخيـر هـو حمـاية الثقـة فـي المعـاملات بالشيـك لاسيمـا أنـه أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعـاملات بيـن الأفـراد المطلــب الثـالـث : الركـن المعـنـوي .